لم يكن أشد المتشائمين في العصابة يتوقع أن يواصل الشعب الجزائري ثورته ل14 أسبوعا يتخللها صيام شهر رمضان المبارك، وأن يصمد الشعب على مطالبه دون كلل أو ملل. كما لم يكن تتوقع العصابة أن جهودها في تفريق الشعب وتفتيت وحدته ستذهب أدراج الرياح مع أول مظاهرة في الشارع.
وكما كل جمعة بدأ توافد المواطنين مبكرا إلى بعض الساحات والميادين التي تشهد التظاهرات بعد صلاة الجمعة، فيما شددت قوات الأمن من حواجزها وطوقها الأمني حول الجزائر العاصمة، في محاولة لعرقلة حشود المتظاهرين القادمين من ولايات آخرى.
كما أغلقت السلطات سلالم البريد المركزي بحجة أنها قديمة وتعاني من شقوق، في مسعى لكسر رمزية الساحة في إطار الحراك الشعبي الذي انطلق في 22 فيفري الفارط، وأسقط في طريقه الكثير من الأصنام والتابوهات التي صنعتها العصابة على مدار سنين.
وانطلقت الدعوات لمسيرات حاشدة اليوم للرد على تعنت قيادة الأركان والجنرال أحمد قايد صالح وتمسكه بفرض خطة بوتفليقة للمرحلة الانتقالية والمتمثلة بإجراء انتخابات تحت وصاية الرئيس المعين عبد القادر بن صالح والوزير الأول نور الدين بدوي.
وتأتي مظاهرات اليوم بعد أسبوع شهد ثلاث خطابات متتالية لقايد صالح، رد فيها برفض مبطن على مبادرة الثلاثي الوطني أحمد طالب الابراهيمي، وعلي يحي عبد النور ورشيد بن يلس.
وبين خوف المحب على الحراك، وخوف العصابة من الحراك، تأتي الجمعة الرابعة عشر، لتزيل خوف الأول وتزيد خوف الأخير، وكأنه حلقة في سلسلة شعبية تلتف حول أفعى السلطة التي تفتك بالجزائر.
ويعبر الكاتب توفيق رباحي عن خوفه على الحراك لأن الجزائريين تخلصوا من طاغية اسمه عبد العزيز بوتفليقة، وهناك من يسعى لفرض عليهم طاغية آخر اسمه أحمد قايد صالح، ولأن هناك من يريد أن يوهم الجزائريين بأن قايد صالح أدرى بمصالح الجزائريين من الجزائريين.
يخاف أيضا لأن جيوشا إلكترونية تلوّث الهواء وتطلق سمومها للتشكيك في كل الناس وكل شيء، ولأن القضاء العسكري يحاكم الجنرالين توفيق مدين وبشير طرطاق والسعيد بوتفليقة على اجتماع عقدوه للتآمر على قايد صالح، ولا يحاكمهم على جرائم متراكمة منذ 27 سنة للأول والثاني و20 سنة للثالث.
ولأن القضاء يحاكم علي حداد على جواز سفر مزوَّر و7 آلاف يورو وُجدت بحوزته، وليس على الفساد الذي مارس ونشر منذ مكنّته عصابة آل بوتفليقة من أموال الجزائريين، ولأن يسعد ربراب مسجون في اتهامات بالتصريح الجمركي الكاذب، وليس لسؤاله كيف راكم ثروته الطائلة.

شرعت ولاية الجزائر في تهيئة و ترميم سلالم مبنى البريد المركزي عشية الجمعة 14 وسط تنديد جموع كبيرة من الجزائريين